(يا من يأوي كلُّ معتمد إليه، ويستغني به كل منقطع إليه.
يا من جعل دني توحيدَه، وعبادتي تمجيدَه، وجعل أطيب ساعاتي منه خَلَواتي، وألذ أوقاتي منه مناجاتي ...
إلهي: قسا قلبي، وجهلت أمري، وبخلت بالماء عيني ...
سيدي:
أبعد الإيمان تعذبني، ومن مُقَطّعات النيران تُلبسني، وإلى جهنم مع الأشقياء تحشرني، وإلى مالك خازنها تُسْلمني، وفيها يا ذا العفو والإحسان تدخلني، وعفَوك الذي كنت أرجو تحرمني ... )؟
(إلهي: كيف أدعوك وقد عصيتك، وكيف لا أدعوك وقد عرفتك، مددت إليك يداً بالذنوب مملوءة, ويميناً بالرجاء مشحونة، حُقّ لمن دعا بالندم تذللاً أن تُجيبه بالكرم تفضيلاً ...
إلهي: يكون من الفقير المحتاج الدعاء والمسألة، ويكون من الغني الجواد النيل والعطية) .
18 - وقال الإمام الطبري رحمه الله تعالى:
(الحمد لله ... الذي هتف في أسماع العالمين ألسنُ أدلته، شاهدةَ أنه الله الذي لا إله إلا هو، الذي لا عدلَ له معادل، ولا مثلَ له مماثل، ولا شريك له مُظاهر، ولا ولدَ له ولا والد، ولم يكن له صاحبة ولا كفواً أحد، وأنه الجبار الذي خضعت لجبروته الجبابرة، والعزيز الذي ذلت لعزته الملوك الأعزة، وخشعت لمهابة سطوته ذَوو المهابة، وأذعن له جميع الخلق بالطاعة طوعاً وكرهاً ... فكل موجود إلى وحدانيته داع، وكل محسوس إلى ربوبيته هاد بما وسمهم به من آثار الصنعة من نقص وزيادة، وحجز وحاجة ... ) .
19 - وقال الإمام ابن خزيمة رحمه الله تعالى:(الحمد لله العلي العظيم، الحكيم الكريم، السميع البصير، اللطيف الخبير، ذي النِعَم السوابغ ، والفضل الواسع، والحجج البوالغ ...
علا ربنا فكان فوق سماواته عالياً، ثم على عرشه استوى، يعلم السر وأخفى، ويسمع الكلام والنجوى، لا يخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء، ولا في لُجَج البحار ولا في الهواء.
والحمد لله الذي أنزل القرآن بعلمه، وأنشأ خلق الإنسان من تراب بيده، ثم كونه بكلمته، واصطفى رسوله إبراهيم عليه السلام بخُلّته ، ونادى كليمه موسى صلوات الله عليه فقربه نجياً، وكلمه تكليماً، وأمر نبيه نوحاً عليه السلام بصنعة الفلك على عينه، وخبرنا أن أنثى لا تحمل ولا تضع إلا بعلمه ...
وأشهد أن لا إله إلا الله إلهاً واحداً، فرداً صمداً، قاهراً قادراً، رؤوفاً رحيماً، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، ولا شريكاً له في ملكه، العدل في قضائه، الحكيم في فعاله، القائم بين خلقه بالقسط، الممتن على المؤمنين بفضله، بذل لهم الإحسان، وزين في قلوبهم الإيمان، وكره إليه الكفر والفسوق والعصيان ... ) .
- وقال الإمام الخطابي رحمه الله تعالى:
(الحمد لله المستَحْمَدِ إلى خلقه بلطيف صنعه، البَرِّ بعباده، العاطف عليهم بفضله، موئلِ المؤمنين ومولاهم، وكهفِ الآيبين به وملجئهم ...
كُل مَن خلقه يفزع في حاجته إليه، ويُعَوّل عند الحوادث والكوارث عليه.
سبحانه من لطيف لم تَخْفَ عليه مُضْمراتُ القلوب فيفصح له عنها بنطقٍ بيان، ولم تستتر دونه مُضَمَّنات الغيوب فيعبِّرُ له عنها بحركةٍ لسان، لكنه أنطق الألسن بذكره، لتستمر على وَلَه العبودية، وتظهَر به شواهد أعلام الربوبية ... ).